"أبل ستطلق iOS 26 وmacOS 26 في إعادة تسمية رئيسية مرتبطة بإعادة تصميم البرامج"
وقد تم تقليل استخدام العناوين لتحقيق تجربة قراءة أكثر سلاسة وسرديةمنذ بداياتها، كانت شركة أبل تعرف جيدًا كيف تمسك بزمام التغيير، لا عبر تقديم مفاجآت صاخبة فقط، بل من خلال تحولات دقيقة ومدروسة تُعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. واليوم، تقف أبل على مشارف فصل جديد في تاريخها، وهي تستعد لإطلاق iOS 26 وmacOS 26، ضمن موجة عميقة من إعادة التسمية وإعادة التصميم في أنظمتها. ورغم أن الأرقام تبدو امتدادًا طبيعيًا للإصدارات السابقة، إلا أن ما يرافق هذه الترقية هو ما يُعدُّ تحولًا في هوية التجربة البرمجية التي تقدمها أبل. هذه ليست مجرد تحديثات دورية، بل لحظة فاصلة، أشبه بإعادة صياغة شاملة لفلسفة أبل في تصميم البرمجيات. فما الذي تغيّر؟ ولماذا الآن؟ وما الذي تعنيه هذه الخطوة لمستقبل المستخدمين، والمطورين، والأجهزة التي نُراهن عليها كل يوم؟
اللافت أن إعادة التسمية هذه ليست مجرد تغيير في الرقم التسلسلي أو تنميق في الأسماء. بل هي رسالة رمزية تعبّر عن انتقال نوعي، أشبه بما قامت به أبل في عام 2012 عندما أزالت لفظة "Mac" من نظام OS X، ثم أعادته لاحقًا لتصبح التسمية "macOS" متناسقة مع باقي المنظومة. إعادة التسمية في iOS 26 وmacOS 26 تأتي لتؤكد أن هذه الإصدارات لا تحمل مجرد وظائف جديدة، بل تمثل قفزة في فلسفة التصميم نفسها: واجهات جديدة، تفاعلات أكثر حدسية، وربما إعادة تعريف لما تعنيه "المنصة الرقمية" في عالم ما بعد الذكاء الاصطناعي.
في الإصدارات السابقة، سعت أبل إلى ترسيخ هويتها البصرية من خلال التدرج البسيط في الألوان، الحركة الناعمة في التنقلات، والنمط المعروف باسم "flat design" الذي قدّمته مع iOS 7. هذا النمط تطور تدريجيًا في الإصدارات اللاحقة، حيث بدأ يُضفي المزيد من العمق والظلال لخلق إحساس أكثر واقعية، دون الرجوع لزخارف التصميم السابق الذي عُرف باسم skeuomorphism. أما الآن، ومع iOS 26 وmacOS 26، يبدو أن أبل قررت أن تفتح فصلاً جديدًا تمامًا، حيث ستُعاد كتابة قواعد التفاعل.
التسريبات والتقارير القريبة من فرق التصميم داخل أبل تُشير إلى أن النظامين الجديدين سيأتيان بلغة تصميم موحّدة أكثر من أي وقت مضى، تتجاوز الحدود بين الأجهزة: آيفون، آيباد، ماك، وحتى Apple Vision Pro. هذه اللغة ستكون مبنية على ما تسميه أبل داخليًا بـ"الأنسجة الديناميكية" — واجهات تتكيّف بصريًا وسلوكيًا مع السياق. بمعنى آخر، ما تراه على الشاشة لن يكون دائمًا كما هو، بل يتغير حسب الوقت، الإضاءة، وعادات الاستخدام.
جزء مهم من هذه التجربة هو التكامل مع قدرات الذكاء الاصطناعي. أبل لم تعد تعتبر الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للمساعدة، بل عنصرًا بنيويًا في كل تفاعل. في iOS 26، سيتمكن النظام من إعادة تنظيم التطبيقات بناءً على عادات الاستخدام المتكررة للمستخدم في أوقات معينة من اليوم. سيري نفسها ستشهد تطورًا جذريًا، حيث سيتم تعزيز قدراتها من خلال نموذج لغوي ضخم داخلي خاص بأبل، مدعوم بالكامل على الجهاز، دون إرسال بيانات إلى السحابة.
من الناحية الأمنية، ستُعزز أنظمة iOS 26 وmacOS 26 قدرات حماية الخصوصية بطرق غير مسبوقة. أبل التي ترفع شعار الخصوصية كمبدأ تسويقي وتقني، تخطط الآن لإعادة هيكلة طريقة عمل التطبيقات نفسها. النظام الجديد سيفصل بين طبقات البيانات الحساسة وطبقات العرض البصرية، مما يجعل من شبه المستحيل على أي تطبيق تتبع سلوك المستخدم إلا بإذن صارم. بل إن بعض المصادر تشير إلى إمكانية تقديم ما يُشبه "الوضع المقنّن"، حيث يتم تشغيل النظام في بيئة محدودة الخصائص عند الضرورة، كالرحلات، أو عند الاتصال بشبكات عامة.
على صعيد macOS 26، فإن التغيير لا يقل عمقًا. التصميم الجديد يترك وراءه مفاهيم التدرج الكلاسيكي ويستبدلها بواجهات أكثر مرونة، مستلهمة من iPadOS، لكنها ليست تقليدًا مباشرًا. الهدف هنا هو تحقيق تجربة عمل "مستمرة"، تبدأ من هاتفك وتستمر على جهاز الماك دون أي فواصل ذهنية أو بصرية. خاصية Universal Control مثلًا، التي قدمتها أبل سابقًا، ستُدمج بعمق أكبر في النظام، حتى أنها قد تصبح الطريقة الافتراضية للتنقل بين أجهزة المستخدم.
في مستوى البرمجيات، تم العمل على تبسيط الكود الداخلي للأنظمة. أبل، بحسب ما نُقل عن مهندسين سابقين، كانت تواجه تكدسًا في الشيفرة البرمجية نتيجة التراكمات المستمرة لتحديثات الأنظمة على مدى السنوات. iOS 26 وmacOS 26 يمثلان "تنظيفًا هيكليًا" يتيح سرعة أكبر في الأداء، واستقرارًا أعلى، وتقليصًا ملحوظًا في استهلاك الطاقة، خصوصًا على أجهزة ماك بمعالجات Apple Silicon.
أحد المكونات المثيرة في هذا التحديث هو الدمج شبه الكامل بين الخدمات السحابية والوظائف المحلية. التخزين السحابي لم يعد مجرد وسيلة لحفظ الملفات، بل أصبح جزءًا من سير العمل الفعلي. الملاحظات، الملفات، الجداول، والتطبيقات نفسها قد تعمل بشكل جزئي عبر iCloud+، حيث تقوم بعض الوظائف الثقيلة بالحوسبة من السحابة مباشرة ثم تُرسل النتائج للجهاز، ما يوفر موارد الطاقة والذاكرة.
وإذا انتقلنا إلى واجهة المستخدم، فإن التعديلات طالت كل شيء تقريبًا. مركز التحكم تم إعادة تصميمه ليصبح أكثر قابلية للتخصيص، مع أدوات مصغّرة ذكية تتغير وفقًا للموقع، النشاط، وحتى الحالة النفسية المحتملة للمستخدم (بناءً على تحليل نبرة الصوت والحركات). لوحة الإشعارات لم تعد مكانًا لتراكم التنبيهات، بل أصبحت "لوحة أحداث" سياقية، تفهم أولوياتك وتعرض المعلومات بناءً عليها.
في تطبيق الصور، أُضيفت ميزة "السرد الزمني التلقائي"، حيث يستطيع النظام الآن اقتراح عرض قصصي لصورك بناءً على الأشخاص، الأماكن، والأحداث، بطريقة تشبه الأفلام الوثائقية القصيرة. وفي تطبيق البريد، تم دمج الذكاء الاصطناعي لفهم محتوى الرسائل وإعطاء ملخصات ذكية، أو اقتراح ردود جاهزة تتماشى مع أسلوبك الشخصي في الكتابة.
أما بالنسبة للمطورين، فإن هذه الإصدارات ستمنحهم قدرات جديدة من خلال Xcode 16، الذي سيتضمن محاكيًا بيئيًا جديدًا يتيح اختبار التطبيقات في "بيئات واقع مختلط" تماثل Apple Vision Pro. وهذا ليس فقط تحوّلًا في أدوات التطوير، بل إشارة واضحة إلى أن أبل ترى المستقبل كيانًا "عبر الأجهزة" وليس مقصورًا على شاشات مسطحة.
واحدة من المفاجآت المحتملة هي إعادة تسمية بعض تطبيقات النظام نفسها. مثلًا، تطبيق "الرسائل" قد يتحول إلى "Apple Chat"، ويُصبح مركزًا موحدًا لكل وسائل التواصل: iMessage، SMS، وواجهات الدردشة مع تطبيقات الطرف الثالث. إعادة التسمية هذه لا تأتي من فراغ، بل تنبع من رغبة أبل في توحيد التجربة وإزالة الحواجز النفسية بين وظائف متشابهة في جوهرها.
كل هذه التغييرات تأتي في سياق عالمي يتغير بوتيرة أسرع من أي وقت مضى. المنافسة لم تعد محصورة بين أبل وسامسونج أو مايكروسوفت، بل دخل لاعبون جدد مثل OpenAI وGoogle Gemini الذين يطرحون تصورات جديدة للأنظمة الذكية والتفاعل البشري. في هذا الإطار، تبدو أبل كمن يُعدّ أرضًا جديدة، مجهزة بالكامل، لتستقبل ثورة تكنولوجية قادمة. ليس من خلال تقليد الآخرين، بل بإعادة تعريف اللعبة من جديد.
ورغم أن كثيرين يرون أن أبل غالبًا ما تتأخر في إدخال الميزات مقارنة بمنافسيها، إلا أن الشركة تنتهج دومًا سياسة "التأخير الذكي": فهي تنتظر حتى تنضج الفكرة تمامًا، ثم تُدخلها في نظام بيئي متكامل، يصعب على المستخدم أن يتخلى عنه بعد التجربة الأولى.
iOS 26 وmacOS 26 ليسا فقط نظامين جديدين… بل إشارة من أبل إلى أن المرحلة القادمة من التكنولوجيا لن تكون تكرارًا لما مضى. بل ستكون، بشكل عميق، تحولًا في كيفية إدراكنا للأجهزة، للأنظمة، ولأنفسنا كمستخدمين. إنها بداية فصل جديد لا في التصميم فقط، بل في الفلسفة. فصلٌ قد يُغيّر شكل العلاقة بين الإنسان والتقنية إلى الأبد.