جزء من مركبة فضائية من الحقبة السوفيتية سيتحطم على الأرض هذا الأسبوع
من المقرر أن يعود مسبار كوزموس 482، الذي أُطلق عام 1972، إلى الغلاف الجوي للفضاء بين التاسع والعاشر من مايو/أيار. ومن المتوقع أن يصطدم جزء من مركبة فضائية سوفييتية بالأرض هذا الأسبوع، ولا يزال الخبراء غير متأكدين من مكان هبوطه.
في الأيام القليلة المقبلة، يستعد العالم لمشهد فريد من نوعه، إذ من المتوقع أن تدخل مجددًا إلى الغلاف الجوي قطعة من مركبة فضائية سوفيتية قديمة تُعرف بقدرتها الفائقة على مقاومة الاحتراق أثناء العودة إلى الأرض. هذه القطعة هي كبسولة إنزال صُممت لتحمّل الظروف القاسية على كوكب الزهرة، وقد أُطلقت ضمن مهمة "كوسموس-482" عام 1972، لكنها فشلت في مغادرة مدار الأرض بسبب خلل في المرحلة الأخيرة من الصاروخ الحامل.
الكبسولة، التي يبلغ قطرها نحو متر ووزنها 495 كيلوغرامًا، مغلفة بهيكل من التيتانيوم قادر على تحمل سرعات هائلة تفوق 11 كيلومترًا في الثانية، مما يجعلها أكثر مقاومة للاحتراق مقارنة بمعظم الحطام الفضائي. منذ فشل الإطلاق، ظلت الكبسولة في مدار بيضاوي يتراوح بين 200 و600 كيلومتر فوق الأرض، محتجزة بفعل الجاذبية لعقود، قبل أن تبدأ تدريجيًا في الانخفاض نتيجة مقاومة الغلاف الجوي العلوي.
ويقدّر العلماء أن تعود هذه الكبسولة إلى الغلاف الجوي بين 7 و13 مايو 2025، مرجحين سقوطها في مياه المحيط الهادئ أو الهندي، مع بقاء احتمال ضعيف لسقوطها فوق اليابسة. ومن المتوقع أن تظهر في السماء كجسم لامع كالرصاصة النارية، ما سيتيح لمراقبي السماء فرصة نادرة لرؤية "شهاب" من صنع الإنسان، يلمع بثبات على امتداد مئات الكيلومترات.
حالياً، تنسق وكالات فضاء دولية، من بينها "روسكوسموس" ووكالة تتبع الفضاء الأوروبية، جهودها لتحديد مسار الكبسولة بدقة باستخدام نماذج مبنية على بيانات رصد بصرية ورادارية. ورغم أن هذا الدخول الجوي غير موجه، فإن العلماء يؤكدون أن خطر إصابة أي شخص منخفض للغاية، بسبب اتساع مساحة المحيطات وقلّة الكثافة السكانية في المناطق المدارية المتوقعة.
لكن عودة الكبسولة تفتح أيضًا باب التساؤلات حول كيفية التعامل مع الحطام الفضائي العالق منذ عقود، خصوصًا مع التزايد المستمر في عمليات الإطلاق الفضائي. وتشير التقديرات إلى سقوط ثلاث قطع كبيرة من الحطام يوميًا على الأرض، ما يعزز الحاجة إلى خطط دولية لإزالة هذه المخلفات أو التحكم بإعادة دخولها.
وتذكّر هذه الحادثة بمسبار "كوسموس-954" الذي تحطم عام 1978، وكان يحمل موادًا نووية تطايرت فوق كندا وشمال المكسيك. وعلى الرغم من أن "كوسموس-482" لا يحمل موادًا نووية، إلا أن متانته تثير تساؤلات حول إمكانية وصول أجزاء منه إلى سطح الأرض، وتأثير ذلك على البيئة البحرية في حال سقوطه في البحر.
الحدث قد يكون مشهدًا بصريًا رائعًا، حيث ستتوهج القطع في السماء قبل أن تتلاشى أو تسقط في المياه مطلقة فقاعات وصوتًا قد يُلتقط تحت الماء، مما يمنح علماء المحيطات فرصة فريدة لدراسة أثر مثل هذه الاصطدامات. وفي اللحظات الأخيرة، ستكون البيانات الحية هي المفتاح لتقليص هامش الخطأ وتوجيه التحذيرات للطائرات والسفن.
وفي نهاية المطاف، ستكون هذه العودة بمثابة فصل جديد في حكاية بدأت بطموح سوفيتي للغزو الفضائي، وتُختتم بتذكيرنا بضعف الحدود بين الأرض والفضاء، وأهمية تنظيم هذه الحدود لضمان سلامة الأجيال القادمة.